الأدوية الممنوعة .. أساليب تصريفها!
منيف علي القبلان
* لم أقرأ، في حياتي، خبراً أكثر غرابة من ذاك الذي نشرته بعض الصحف المحلية، مؤخراً، عن قيام الجهة المختصة بوزارة الصحة باعطاء الصيدليات والموردين مهلة ستة أشهر للتخلص مما لديهم من الأدوية التي ثبت عالمياً انها مضرة بصحة الإنسان.. لأن الوزارة تعتزم منع استيرادها مستقبلاً!! وهو خبر إن كان صادقاً فإنه يوجب المساءلة القانونية لمن اتخذ مثل هذا القرار.. فالأدوية والعقاقير التي أثبتت الدراسات انها مضرة بصحة الإنسان.. أو تسبب مرضاً معيناً.. أو لها آثار جانبية يجب سحبها من الأسواق حالاً ودون تردد، ولا يعطى مستوردها أو موزعها مهلة (كما يقول الخبر) أو فرصة (لتصريفها) لأن التصريف يعني بيعها للمستهلك بأي ثمن للتخلص منها، الأمر الذي يعني اضراراً بشرية أخرى كان المنع يهدف إلى الحيلولة دونها. إذ انه ليس ثمة تفسير آخر لمعنى كلمة (تصريف) غيرهذا التفسير!
وبالمناسبة، للطب قصص بعضها مضحك، والبعض الآخر منها محزن جداً، وللأدوية عالمها الخفي وأضرارها الجسيمة.. ولابد ان القارئ الكريم يتذكر تصريح الدكتور محمد بقنه رئيس وحدة العقم والإخصاب الخارجي بمستشفى الملك فهد بالحرس الوطني المنشور في الصفحة الأخيرة من هذه الصحيفة قبل أسابيع، والذي أكد فيه ان هناك تواطؤاً من بعض الأطباء مع شركات الأدوية لتصريف الأدوية غالية الثمن مع ان هناك بديل يعطي نفس المفعول وبسعر أقل من الثلث، ولكن الشركة تعطي الطبيب نسبة من السعر، وهذا يعتبر تلاعباً وسرقة واضحة للمريض!
وثمة قصص أخرى تروى.. ومعاناة مر بها البعض لا يتسع المجال لسردها.. ولذلك نستعيض عنها بالسؤال البديهي: من الذي يستطيع ان يقف بالمرصاد لتلك الممارسات التي لا تكلف الناس أموالهم بل صحتهم وفي بعض الأحوال حياتهم؟
المعروف ان الطب من المهن الإنسانية التي يفترض ان يبتعد ممارسوها قدر المستطاع عن حياض المادة، وإذا اتخذوا من مهنتهم تلك سبيلا للكسب فليكن في حدود معقولة، بحيث لا تكون المادة هي الهدف والكسب السريع هو السبيل لبلوغها.. فالمريض على أتم الاستعداد لشراء صحته بكل ما يملك، وهو ليس على استعداد لشراء موته.. رغم انه يواجه ذلك يومياً نتيجة للأخطاء الطبية غير المقصودة، وبعض الممارسات الخاطئة ايضاً التي يقترفها بعض الأطباء.. وتحول الطب إلى تجارة تجلب لأصحابها الملايين من جيوب الذين يعانون من ويلات المرض! كيف لا ونحن نصدر من عند الطبيب المعالج بـ(لستة) طويلة من الأدوية التي قد يبطل بعضها مفعول بعضها الآخر.. وتكون المشكلة أكبر والمعاناة أمرّ، إذا كان من بين هذه الأدوية ما رأت المختبرات العالمية انه مضر بصحة الإنسان أو قاتل له! المهم ان يصرّف الصيدلي بضاعته ويضاعف من أرباحه حتى ولو كان ذلك على حساب صحة إنسان آخر!
كيف تتجرأ الجهة المسؤولة عن صحة المجتمع (إذا صح الخبر المشار إليه) ان تمنح أدوية محرمة دولياً إذناً بالبقاء على أرفف الصيدليات ستة أشهر أخرى؟ ألم يخطر ببال المسؤول عن هذا الأمر ان ستة أشهر كافية لتدمير صحة الآلاف من المواطنين الذين لا ذنب لهم سوى انهم وضعوا ثقتهم في الطبيب المعالج ثم في الجهة المشرفة عليه؟ لماذا لا تعامل الأدوية ـ على أقل تقدير ـ مثل الأغذية منتهية الصلاحية، بحيث يتم جمعها فوراً وإتلافها؟
مجرد تساؤلات أرجو ان تجد من لديه الوقت الكافي والحس الوطني للاجابة عليها!!
موضوع: الأدوية الممنوعة .. أساليب تصريفها! 
السبت أغسطس 18, 2007 5:30 am
